top of page
  • أسامة بن الحاج محمد

غازي الزغباني لطلبة المعهد العالي للفن المسرحي: صعوبة البدايات تأسس لتحقيق النجاح

في إطار مادة ثقافة بعث المؤسسات بالمعهد العالي للفن المسرحي بتونس قام طلبة السنة ثانية جذع مشترك إجازة في المسرح وفنون العرض بزيارة ميدانية يوم 11 أكتوبر2023 إلى فضاء مسرح الأرتيستو بتونس. تأسس هذا الفضاء المسرحي سنة 2003 واحتفل بمرور 20 سنة على انبعاثه كشركة إنتاج مسرحية خاصة.


لقاء طلبة السنة الثانية بالمعهد العالي للفن المسرحي بالفنان غازي الزغباني يوم 11 أكتوبر 2023


تزامنت هذه الزيارة مع برمجة ثريه قدمت خلالها عديد العروض المسرحية والموسيقية بفضاء الأرتيستو بداية من 10 أكتوبر 2023 ودامت خمسة أيام. كان يوم الافتتاح فرصة لتكريم ثلة من مبدعي الخشبة من أهمهم محمد حسين ڨريّع وسليم الزغباني كما وقع كذلك تدشين قاعة العروض الجديدة بنفس الفضاء التي أطلق عليها اسم الرّاحل كمال الزغباني، كلمسة وفاء لروحه وهو الملهم الحقيقي لغازي الذي ترعرع على دروسه. تم كل هذا على أنغام الفنان الملتزم والحساس ياسر الجرادي.


الفنان ياسر جرادي بفضاء الأرتيستو يوم 10 أكتوبر2023 (صاحب الصورة نور جلولي)


وبعد جولة داخل الفضاء والتعرّف على قاعاته اجتمع مديره غازي الزغباني بالطّلبة في حلقة نقاش أدارها الأستاذ المشرف محمد علي الحيو، استمع فيها المبدع غازي إلى تساؤلات طلبة الفنون الدرامية واستفساراتهم على مستوى عديد المحاور. دام الحوار أكثر من ساعة.


نبدأ بالجديد، كيف استطاع الفنان غازي الزغباني في مسرحية "الفيرما" أن يجمع بين ثلاثة وظائف مختلفة الإخراج والأداء والكتابة المسرحيّة؟


نعم والحمد لله استطعت الجمع بين هذه الوظائف الثلاثة في عمل يطرح قضيّة رجال السّياسة والمال، ووسائل التّواصل الاجتماعي ودورها في فضح ملفّات الفساد. العمل يعتبر نقلا للواقع التونسي وما يعيشه مجتمعنا اليوم من حيرة وغبن وسير نحو المجهول. قدم هذا العرض بطريقة مسرحيّة مغايرة تعتمد على جماليات الركح وعلى بحث عميق في السينوغرافيا وفي الديكور والإضاءة. وما جعلني أوفق إلى حد مقبول هو إرادتي وعزمي على الإبداع في أكثر من مجال، مع اجتهاد فكري وجسدي صحبة جميع فريق هذه المسرحية. هذا التحدّي يجعلني أمضي قدما فيما بدأت حيث أن مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة. وجودي في هذا المستوى هو أولا التواضع ثانيا حب الاطلاع والانفتاح على الآخر والرغبة في التعلم الدائم وثالثا المجهود المستمر في خضم المجموعة والذكاء في اختيار العروض التي نقدمها لجمهوري الذي أحترمه كثيرا.


كيف تعرّف الفنان غازي الزغباني؟


غازي الزغباني هو ممثل ومخرج مسرحي تونسي ولد في 29 جانفي 1976، تخرّج من المعهد العالي للفن المسرحي بتونس سنة 2002 وأسّس مباشرة شركته المسرحية الخاصة. قبل أن ألتحق بالدراسة كطالب جامعي مررت بعديد المراحل بين المسرح المدرسي الذي شاركت فيه كممثل مع عديد الأعمال المسرحية في إطار الملتقيات الجهوية والوطنية للمسرح في الوسط المدرسي. كما كانت لي عديد التجارب مع بعض دور الثقافة في مسرح الهواة لتبدأ رحلتي في عالم الاحتراف إثر تخرجي وأتقلّد إدارة المهرجان الصيفي بڨرمبالية ثلاث مرات وآخرها الدورة 63 لهذا المهرجان العريق. هذا ليس بغريب لأنني من عشّاق الموسيقى باعتباري عازفا على آلة الڨيتار.


كيف كان انطلاق شركتك الخاصة ولماذا سميت بالأرتيستو؟


تأسس الفضاء سنة 2013 بعد مخاض من التفكير الذي حمل معه طرائف لا تمّحى من ذاكرتي. لهذا الفضاء بعد رمزي فهو المطعم الذي كنت ألجأ إليه أيام دراستي بالجامعة. رغم قلة زبائنه كنت أنا الزبون الوفي الذي لا يغيب عنه. أثناء إعلان صاحب المحل غلق المطعم وعرضه للإيجار اقترحت كراءه. إلاّ أنّ طلبي كان مرفوضا في البداية بعد معرفة صاحب المحلّ أنني سأحوّله مسرحا يستقبل عشاق هذا الفن. استنكر صاحب المحلّ ذلك لأنه أعتقد أن الفشل سيكون من نصيبي أيضا. بعد تفكير طويل وإلحاح مني وخاصة عدم تحسن وضعيته المادية والمعنوية قبل باقتراحي في آخر المطاف. مرّ هذا الفضاء بعديد الصعوبات في بداية سنوات نشاطه. خلال سنة 2013 عدّلت الدولة التونسية القانون الذي ينظم مثل هذه الفضاءات والشركات. الشرط الجديد يتمثّل في رفع سقف ميزانية بعث الفضاءات الثقافية الخاصّة والتي قدرت ب 10 آلاف دينار بعد أن كانت 1000 دينار فقط في القانون القديم. هذا التغيير رغم أنه لا يشجع على خوض مغامرة الاستثمار كان في حقيقة الأمر حافزا لانطلاق الفضاء انطلاقة قوية ساهمت في ازدهاره مع التشجيع المعنوي الذي وجدته من قبل زملائي. كما ساعدني بيع جميع معدات المطعم التي مكنتني من تلبية المبلغ المطلوب والبداية في تحسين ديكور المحل. أمّا بالنسبة إلى تسمية "الأرتيستو" فهي فكرة انطلقت منذ أن كان يُناديني زملائي في الدراسة بكُنية "الأرتيستو". إضافة إلى تصوّري بأنّ هذه الكلمة هي الأكثر تعبيرا، باعتبارها تعني الفنان باللغة العربيّة والفنّان هو صاحب الرّسالة النّبيلة والفكر الحرّ المتمرد في بعض الأحيان والساخر في البعض الآخر.


واجهة فضاء الأرتيستو، نهج دمشق تونس العاصمة


ماهيّ أهمّ إنتاجات فضاء الأرتيستو منذ انطلاق نشاطه وأبرز الأسماء المشاركة فيه؟


أكثر من ثمانية عشرة إنتاج مسرحي لهذا الفضاء منذ انبعاثه نذكر منها "اللّعبة" 2009، "تحت الخط" 2022، "سيكاتريس" 2019، "صفقة" 2020...وآخرها "الفيرمة" 2023، ولا يفوتني الحديث عن مسرحيّة "وزن الرّيشة" 2008، المونودرام الذي كان له الفضل في نجاح هذا الفضاء عموما ونجاحي شخصيا. هذا العمل الذي عرض في أكثر من عشرين دولة وتحصّل على عديد الجوائز الوطنيّة والدوليّة. يمكنني القول هنا بأنها عروض ومسرحيّات لاقت نجاحا كبيرا، وكانت خير سفير لفضاء الأرتيستو مع جنود الخشبة الذين أبدعوا في هذه الأعمال على غرار رفيق الدرب محمد حسين ڨريّع و نادية بوستّة و طلال أيّوب ومريم الدريدي وغيرهم. القائمة تطول في الحقيقة. أوجّه لهم جميعا ودون استثناء جزيل الشكر والعرفان. عموما نحن اليوم نخاطب من خلال فنّنا عديد الفئات وأنتجنا جمهورا وفيا بفضل الله. لكنّنا لا ننسى بأننا قد قدّمنا يوما ما عرضا أمام جمهور لا يتجاوز عدده الأربع أفراد.


ما الذي يميّز فضاء الأرتيستو عن بقية الفضاءات؟


للأرتيستو عديد الميزات التي تجعله بمثابة الأكاديمية الفنية لا تعنى بالمسرح فحسب بل هي أساسا تهتم بالفنون الفرجوية. هذا ما عملت عليه في وضعي للتصور الفني الذي ينظّم هذا الفضاء. الانطلاقة بدأت مع المسرح فهو الفنّ الذي يحظى بالاهتمام الأكبر داخل شركتنا والدليل على ذلك هو أننا الفضاء الوحيد الذي يعتمد على ورشات مسرحيّة احترافية تقسّم إلى مستويات ثلاثة يشرف عليها أساتذة ومختصّون من خرّيجي المعاهد العليا للفنون. كما أن لفضاءنا صدى على المستوى الوطني والدّولي. نسعى إلى غزارة الإنتاج رغم ما مررنا به من صعوبات ماديّة على امتداد 15 سنة قبل أن تتلقّى مؤسستنا دعما ماديا خاصا من الدولة. تأتينا سنويّا طلبات لتوقيع اتفاقيات شراكة مع بنوك و جمعيات و نتعامل معها متى اقتضت الحاجة. مع العلم أننا نقبل تبنّي أي مشروع شرط أن يكون جديّا ومدروسا. ومن هنا أوجّه للشباب المسرحي الرّاغب في الإنتاج تقديم ملفّ في الغرض ونعده بالردّ الإيجابي إن كان مستوفيا للشّروط وأبوابنا مفتوحة لكلّ مبدعي الفنون. اليوم لابدّ أن يتحصّل الفنان عل حقوقه كاملة في تونس، باعتبار الفن المسرحي مهنة و"صنعة" يعيش منها. للأسف يعيش أغلب أبناء المجال أزمة ماليّة في ظل وضع اقتصادي صعب في البلاد ازداد تعقيدا خاصّة بعد جائحة كوفيد 19 التي زادت الطّين بلّة. في اعتقادي يجب على المبدعين الاجتهاد أكثر والمثابرة وعلى الدولة مزيد تنظيم وتقريب المسرح من المواطن وخاصة حماية المبدع.


بقلم: أسامة بن الحاج محمد تحقيق وبحث: حسام صفر

 À l'affiche
Derniers articles
Archives
  • Facebook Basic Square
  • Twitter Basic Square
  • Google+ Basic Square
bottom of page