top of page

فيلم 'وين ياخذنا الريح' لآمال قلاتي : بين جمالية الصورة وثقل الواقع

  • Writer: بلقيس لعيوني
    بلقيس لعيوني
  • 2 hours ago
  • 2 min read

فيلم تونسي عُرض خلال الدورة السادسة والثلاثين لأيام قرطاج السينمائية التي امتدت بين 13 و20 ديسمبر للمخرجة التونسية آمال قلاتي، وهو فيلمها الروائي الأول من إنتاج أسماء شيبوب.


تدور أحداث الفيلم بين تونس العاصمة وجربة. تُبنى الحبكة الدرامية حول صديقين مقربين: عليسة تبلغ من العمر تسعة عشر سنة، فهي تلميذة في المعهد الثانوي، ومهدي الذي يبلغ من العمر ثلاثة وعشرين سنة ويواصل دراسته الجامعية.


وبينما يعيش الشابان وتيرة حياتهما اليومية المعتادة كالدراسة والاهتمام بالعائلة، تعترض عليسة فرصة قد تحقق حلمها في الهجرة إلى أوروبا. ينطلق الشابان بعد ذلك في رحلة للمشاركة في مسابقة الرسم آملين في الفوز والوصول إلى ألمانيا.


خلال هذه الرحلة يتمكن المشاهد من التمعن في الشخصيتين، من جهة في لحظات الحب ومن جهة أخرى في تعاملهما مع العوائق التي تعترضهما.


ree

شخصيات تحمل روح الإبداع


يتميز العمل بشخصياته ذات بُعد فني وقدرة على الإبداع إذ ينبع الفن والجمال من داخل الشخصيات نفسها.


تتفرد البطلة عليسة بخيالها الفني الذي يحوّل اليومي القاسي إلى مشاهد جمالية نابضة بالحركة والأشكال والألوان.


تعكس هذه القدرة احتفاظ البنت بجانبها المبدع رغم ما تفرضه الحياة من مشاكل تفوق سنها، خاصة المسؤوليات العائلية والمالية المجحفة.


فهي لها مسؤوليات تثقل كاهلها وتستنزف طاقتها التي كان من الأفضل أن تُوجَّه للتعلم واكتساب المهارات.


ومن خلال هذا الجانب الفني نلاحظ رفض عليسة للواقع الرديء كما هو، إذ تعيد تشكيله في صورة أجمل وأسهل تحمّلًا.


فهي شخصية تعيش الفن داخليًا، وتتميز أيضًا بذكائها وقدرتها على مواجهة التحديات.


أما مهدي فهو يعبر عن فنه من خلال الرسم، مستعملًا مواد بسيطة لخلق لوحات ذات دلالات عميقة. فلوحته التي رسم فيها عليسة رغم بساطة أدواتها، تعبر عن نظرته إليها وفهمه لمشاعرها : فهي تنطق بما لم يستطع قوله بالكلمات، ليكون الرسم لغته للتعبير عن عواطفه وأفكاره بحرية.


فيلم ينسج قضايا المجتمع في لوحة سينمائية


يبدو الموضوع للوهلة الأولى بسيطًا، لكنه يحمل بُعدًا نقديًا واضحًا عند التعمق في تفاصيله. إذ يطرح الفيلم مسألة الصراع الطبقي والتمييز الاجتماعي، كما يظهر في مشهد أقارب مهدي الذين يبدون نوعًا من التعالي بسبب الرفاهية التي يعيشونها، وقد تناولته المخرجة آمال قلاتي بسخرية ذكية.


كما يسلّط الفيلم الضوء على العنف القائم على النوع الاجتماعي، وقدمت فيه المخرجة عدلًا للبطلة كما ينبغي.


إضافة إلى ذلك، يتناول الفيلم واحدة من أهم القضايا التي يواجهها الشباب التونسي، وهي الهجرة، التي يراها البطلان "حلًا لحياتهما". فالهجرة هنا هدف في حد ذاته يضحّي من أجله الشابان بكل شيء، حتى علاقاتهما العائلية.


إذ تظهر عليسة مستعدة للتخلي عن شقيقتها الصغرى لتحقيق حلمها، وهو ما يعكس تفكك الروابط الأسرية تحت وطأة الظروف القاسية، وهي ظاهرة آخذة في التنامي في السنوات الأخيرة.


ويشتد شعور البطلة بالحزن عندما تجلس وحيدة تتأمل الضفة الأخرى من البحر الأبيض المتوسط، فهي لا تفتقد فقط مستقبلًا واعدًا وأحلامًا لم تتحقق بعد ولحظات فرح تتمنى عيشها، بل تفتقد أيضًا صديقها وحبيبها مهدي الذي سبقها بالهجرة لتحقيق حلمهما المشترك.


إن هذا العمل الفني يحمل ختامًا وحقيقةً دلالات عميقة ويتناول موضوعًا يمسّ المجتمع التونسي بشكل ملحوظ، من خلال تسليط الضوء على بحث بعض أفراد هذا المجتمع عن مستقبل أكثر استقرارًا خاصة من طرف الفئة التي تنتمي للجيل الجديد.


الصحفية الثقافية بلقيس لعيوني

 
 
 

Comments

Rated 0 out of 5 stars.
No ratings yet

Add a rating
 À l'affiche

    Lancé en 2015, culturetunisie.com avait une vocation de formation à l'écriture sur l'art avant de se transformer en 2020 en une plateforme spécialisée dans la couverture des manifestations artistiques et culturelles en Tunisie. Aujourd’hui, culturetunisie.com propose des articles journalistiques, des interviews et des portraits en trois langues : arabe, anglais et français.  

    Pour toute information, veuillez contacter Mohamed Ali Elhaou, fondateur de ce support culturel, à l'adresse suivante : elhaou@gmail.com

    Vos informations ont bien été envoyées !

    bottom of page