موقع أوذنة الأثري : موكب تراثي فريد على وقع الايقاعات المهرجانية والاحتفاء بالخصوصية
- سامية بن طالب
- 18 août
- 8 min de lecture
Dernière mise à jour : 19 août
في أحضان التاريخ، حيث أعمدة الكابيتول تحرس ذاكرة الزمن وتقف شامخة ترقب مدارج مسرح موقع أوذنة الأثري يهتزّ على نغمات الموروث الموسيقي ويموج مع أهازيج الجمهور الغفير، هكذا اختتمت فعاليات الدورة الأولى لمهرجان أوذنة الدولي للفنون الشعبية الذي امتد من 26 جويلية إلى 5 أوت 2025. في أجواء تجسّد لقاء الفن والتراث.
تتبختر أوذنة بين المهرجانات الصيفية مزهوة بما حققته من نجاح بالرغم ممّا رافق البرمجة من أخذ وردّ وتباين في وجهات النظر على إثر مبادرة وزارة الشؤون الثقافية بتأسيس خصوصية للمهرجان في الفنون الشعبية ليكون فضاء للتعريف بالموروث الموسيقي التونسي مع الانفتاح على الموروث الثقافي الأجنبي وحلقة ضمن منظومة مهرجانات مختصة لإبراز قيمة التراث الموسيقي الشعبي والاحتفاء بالهويات.

جمع البرنامج بين عراقة المكان و قيمة الفن لاكتشاف أنماط من الفنون الشعبية التونسية والأجنبية في إحدى عشر سهرة، راوحت بين الموسيقات الشعبية التونسية والفلسطينية والمصرية والأمريكية اللاّتينية ببصمة تونسية.
فمن أصالة الرقص الشعبي التونسي وقوفا عند رقصات الكوفية الفلسطينية مرورا بموسيقات مصر وأمريكا اللاتينية ووصولا إلى فخامة الأصوات الأصيلة وثراء المخزون الموسيقي التونسي، عاش جمهور أوذنة رحلة شيّقة عابرة للحدود ومتمسكة بالجذور.
وفي تقييم للدورة الأولى للمهرجان صرّح السيد مهذب القرفي مدير المهرجان : "أنّ النجاح الذي حققته الدورة الحالية على المستوى التنظيمي والحضور الجماهيري واللوجيستي و التقني والإعلامي والاتصالي يزيد الهيئة مسؤولية ورهانات في المستقبل توقا لما هو أفضل". وأكّد على الحرص لتلافي بعض الهنات بتضافر جهود مختلف الهياكل المتدخلة من بينها صعوبة السيطرة على فضاء المسرح باعتباره مفتوحا ممّا أربك سير بيع التذاكر بسبب الدخول المجاني للعروض وبالتالي أثّر على المداخيل المتوقعة والميزانية.
كما أشار ذات المصدر إلى صعوبة التنقل للموقع وعدم توفر النقل العمومي باستثناء عدد قليل من الحافلات خصصت لنقل رواد المهرجان بالتنسيق مع الادارة الجهوية للنقل ولكن لم تف بالحاجة. من هنا أشار إلى ضرورة تهيئة الطريق من مدينة الخليدية في اتجاه الموقع ووضع إشارات توجيهية تسهل على الرواد الوصول إلى الموقع وتدعيم فضاء المهرجان بإحداث وحدات صحية قارة وإفراد المهرجان بميزانية تليق بالبرمجة وبالموقع.
مهرجان يتحسّس الطريق
نحت هذا المهرجان الفتيّ الذي يتحسّس طريقه بين الخصوصية والتنوّع مكانة بين أكبر المهرجانات الدولية التونسية، مسجّلا حضور 63 ألف متفرج طيلة فترة المهرجان في الدورة الحالية.
وللإشارة فقد سبقت هذه الدورة ذات الخصوصية أربع دورات انطلقت سنة 2019 تحت تسمية الدورة الأولى للمهرجان الثقافي بالموقع الأثري بأوذنة في إطار إحياء الموقع وتثمينه ثقافيا. تلتها الدورة الثانية سنة 2022 بعد توقف بسبب جائحة كورونا تحت تسمية مهرجان أوذنة الدولي في الدورة الثالثة سنة 2023 والدورة الرابعة سنة 2024 التي سجلت حضور 31 ألف و500 متفرج في خمس سهرات فقط.

إيمانا بقيمتة التاريخية وما يتمتع به موقع أوذنة الأثري من خصوصية تميزه عن بقية المواقع، يكفي أنّه يعتبر من المنتزهات القليلة بالبلاد التونسية التي تتجمّع فيها خاصيتان : موقع أثري ذو قدرات هائلة مع محيط جذاب يجعلانه قبلة للسياحة الثقافية، فقد شهد بداية من سنة 2010 نسقا سريعا في تنظيم عدد من التظاهرات والأنشطة الثقافية تحت إشراف وزارة الشؤون الثقافية والمندوبية الجهوية للشؤون الثقافية ببن عروس ووكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية والمعهد الوطني للتراث بالشراكة مع المجتمع المدني قصد مزيد التعريف به وتثمينه لعلّ أبرزها على سبيل الذّكر لا الحصر احتضان الموقع سنتي 2010 و2022 لفعاليات الافتتاح الرسمي لشهر التراث.
وتنظيم المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية ببن عروس يومي 15 و16 ماي 2015 لتظاهرة تنشيطية بعنوان "أوذنة أفق واعد للاستثمار الثقافي والسياحي" ويومي 14 و 16 ماي 2016 لتظاهرة بعنوان "أوذنة قاطرة للإبداع والاستثمار بولاية بن عروس" بمشاركة لجنة تنظيم الاحتفالات القرطاجنيّة والرومانيّة بمقاطعة قرطاجنّة بإسبانيا. فضلا عن الندوات والمعارض والورشات التنشيطية والعروض الحية.
انطلقت الشرارة التجريبية الأولى باحتضان حلبة المسرح عرضا موسيقيا للأركسترا السمفوني التونسي وقد لقي آنذاك صدى محفّزا للتفكير في احتضان الموقع لمهرجان صيفي.
يتميز مسرح أوذنة الدائري بطاقة استيعاب تقدّر بـ 15623 مقعدا تقريبا في حالة استكمال الحفريات وفقا لكتيب حول الموقع صادر عن وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية.
كما جاء في كتيب من إعداد الباحث نزار بن سليمان وإصدار المندوبية الجهوية للشؤون الثقافة ببن عروس سنة 2016 أن الرّومان كانوا ينشئون بمدنهم المزدهرة مسرحين اثنين، مسرحًا دائريًا خاصًا بالعروض الفرجوية والمصارعة ومصارعة الحيوانات وآخر نصف دائري خاص بالمسرح والشعر والفنّ...وهي الطريقة الاغريقية نفسها.

نفض الغبار وردّ الاعتبار
حظي موقع أوذنة الأثري باهتمام وزارة الشؤون الثقافية وهياكلها ممثلة في وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية والمعهد الوطني للتراث على مستوى الترميم والتهيئة قصد إحيائه وتثمينه. حيث تقرر في 24 ديسمبر 1992 إنشاء منتزه أثري ووضع برنامج إحياء الموقع وتركيز العمل على الترميم والصيانة.
وفي السياق نفسه لخّص الباحث نزار بن سليمان محافظ الموقع الأثري بأوذنة في تصريح لموقع "فن تونس" مختلف المراحل التي عرفها الموقع من أشغال بداية من سنة 2018.
فعلى مستوى التجهيزات والبنية، تمّ ربط الموقع بالشبكة الكهربائية وتجهيز معالم الموقع بالتيار الكهربائي لاستغلال الانارة الفنية وإنارة المكاتب الإدارية. وكذلك تركيز الإنارة العمومية في الطريق المؤدية للموقع تقريبا مسافة واحد كلم وتعبيد الطريق المؤدية للموقع وتحسينها بالتعاون مع الادارة الجهوية للتجهيز والإسكان ببن عروس.
كما تمّ في السنة نفسها ربط الموقع بشبكة الماء الصالح للشراب والشروع في بناء هياكل استقبال بجودة عالية تمتد على مساحة 1200 م2 تضم مكاتب إدارية ومقهى ومطعم ووحدات صحية وفضاء للمعارض وقاعة ندوات وفضاء تجاري لبيع الهدايا التذكارية والمنتوجات التراثية إلى جانب تهيئة مأوى السيارات وتركيز جسر معدني يبلغ طوله 80 متر لتسهيل ولوج الزوّار لمختلف المعالم بالموقع انطلاقا من هياكل الاستقبال. وقد تمّ تدشين هياكل الاستقبال بمناسبة افتتاح شهر التراث في 18 أفريل 2022.
فيما يتعلق بالمشاريع ذات الصبغة العلمية داخل الموقع، أفاد الباحث نزار بن سليمان أنّ مشروع ترميم الصهاريج الرومانية وتجهيزها وتحويلها إلى مخازن أثرية امتد على مدى ستّ سنوات من 2018 إلى 2024 بالشراكة مع صندوق السفراء لصيانة التراث الثقافي التابع للسفارة الامريكية بتونس. وشمل المشروع إنجاز جرد كامل inventaire للمجموعات الأثرية الموجودة في مخازن الموقع القديمة وتمّ تدشينه في 27 أوت 2024.
بالنسبة للمشاريع المتعلقة بالترميم، بيّن محافظ موقع أوذنة الأثري أنّ مشاريع ترميم الموقع متواصلة وبصفة خاصة خزانات الحنايا الرومانية والمسرح المدرّج والحمّام العمومي الكبير.
العودة من التاريخ للولوج للمستقبل
أمّا عن المشاريع الجديدة فينصبّ العمل حاليّا على انطلاق أشغال إحداث موقع أوذنة الثقافي site culturel d’Oudhna الذي يضمّ الموقع الأثري ومحيطه الطبيعي الممتدّ على مساحة 4200 هكتار وذلك في إطار مثال الحماية والتثمين للموقع بتمويل المعهد الوطني للتراث و إشرافه وإنجاز مكتب دارسات خاص. وقد حضي المشروع بموافقة اللجنة الوطنية للتراث وبلغ حاليا مرحلة إنجاز مثال أشغال الطوبوغرافية المختلفة TPD.
مجهودات كبيرة يترجمها الفعل والتنفيذ حتى يكون مستقبل أوذنة واعدا أكثر من ماضيها التليد وحاضرها المجيد وقناعة بالقيمة التاريخية للموقع الذي يحثّ الخطى نحو التراث العالمي ليلعب الدور الذي يستحق في مجال السياحة الثقافية في تونس. يكفي على سبيل الذكر لا الحصر أنّ عدد زوار الموقع بلغ 23177 سنة 2024 و 13223 زائرا خلال السبعة أشهر الأولى من سنة 2025 مقارنة بـ 15000 زائرا سنة 2020.
والأكيد أنّ مزيد تخصيص فضاءات مهيأة للتنزه وتهيئة مسلك سياحي وثقافي سيعمل على استقطاب الزوار من مختلف الشرائح العمرية وإعداد مسلك سياحي وثقافي لولاية بن عروس يربط موقع أوذنة الأثري بزيارة الضيعات الفلاحية والإقامات الريفية المتاخمة ومعاصر الخمور والزيوت بمرناق والسياحة البديلة والصديقة للبيئة بمحمية جبل بوقرنين بحمام الأنف وجبل الرصاص بمرناق.
وبهذا يحق لولاية بن عروس أن تباهي بتراثها الثري والمتنوع ويباهي بها.
الموقع الفريد
هي ماسّة على الأراضي الخصيبة لمعتمدية مرناق وهي منتزه نادر جمع بين الطبيعة الخلابة التي توشح تونس الخضراء والآثار الشاهدة على عراقة التاريخ في ربوع ولاية بن عروس. هي منارة التراث الثقافي غير المادي بولاية بن عروس. هي أوذنة أو مدينة أوتينا التي حبتها الطبيعة ووشحها التاريخ بتراث طبيعي وأثري يؤهلها توظيفه وتثمينه إلى تحقيق تنمية جهوية فعلية وفعالة.
يقع موقع أوذنة الأثري على بعد ثلاثين كيلومترا جنوب غربي تونس العاصمة وقد أقيمت على هضبة معتدلة تشرف على سهل فلاحي يمتد بين جبل الرصاص وجبل بوقرنين ووادي مليان المعروفة بخصوبة أراضيها. تأسست المدينة في نهاية القرن الأول قبل الميلاد عندما تم انشاء مستوطنة عمرها قدماء جنود الفيلق الثالث عشر الروماني.
وعرفت المدينة التي حملت اسم أوتينا أوج ازدهارها خلال القرن الثاني بعد الميلاد وخاصة خلال حكم الامبراطور "هدريانوس". ثمّ تعرضت للتخريب على يد الواندال أواسط القرن الثالث بعد الميلاد ثم للتهميش في فترة البيزنطيين أمّا خلال الفترة الإسلامية فتم الاكتفاء باستعمال المعالم القديمة وخلّفت هذه الفترة كمية هامة من الفخار الإسلامي خاصة خلال القرنين 10 و11 ميلادي.
ويمسح الموقع 120 هكتار وهو بذلك الموقع الثاني من حيث المساحة بعد قرطاج. يعدّ عشرات المعالم التي لم يتمّ الكشف إلاّ عن جزء منها. حيث انطلقت الحفريات في القرن التاسع عشر مع علماء آثار فرنسيين ثم بدأت الحفريات الأثرية في حدود الثمانينيات من القرن العشرين بإشراف الباحث الحبيب بن حسن الذي اكتشف أبرز مكنونات الموقع.
رحلة في قلب عجائب الموقع
الكابيتول : هو المعبد الرئيسي للمدينة الرومانية يتكوّن من ثلاث معابد معبد رئيسي يتوسط معبدين فرعيين وتفتح كلّها على الساحة العامة الفوروم. بالإضافة الى الطابق العلوي المخصص للمعبد يوجد طابقان سفليان مما يجعله من أكبر المعابد الرومانية بشمال افريقيا.

معبد الكابيتول صورة للواجهة. مصدر الصورة المندوبية الثقافية ببن عروس
المسرح المدرّج : يتكوّن من ثلاث عناصر مستوى سفلي كان مخصّصا لإنزال الحيوانات والمصارعين والحلبة حيث تجري عروض المصارعة والمدارج المخصصة للمتفرجين وقد تم حفر حوالي ثلث المعلم على حساب هضبة بينما الواجهة الحالية توجد وفق السطح.
الحمامات العمومية الكبرى : تبلغ مساحة المعلم حوالي 000 10 م2 يتميز بتخطيطه المتناظر من الصنف الامبراطوري يتكوّن من مستويين مستوى علوي كان مفتوحا لعموم الناس حيث يوجد مختلف القاعات الباردة والساخنة والمستوى السفلي لخزن الخشب المستعمل للتسخين ويشتغل فيه العمال المكلفون بعملية التسخين.

المسرح نصف الدائري : وقع الكشف جزئيا عن المعلم الذي كان مخصصا للعروض المسرحية والخطابة والشعر.بالإمكان حاليا مشاهدة الرّكح والمداخل في انتظار الكشف عن المدارج.
منزل الملك إيكاريوس وكان يسمى منزل لابيري : تبلغ مساحته 2300 م2 ويضم 30 غرفة كلّ أرضياتها فسيفسائية وقع نقل أهمها إلى المتحف الوطني بباردو وتعويضها بنسخ. تمثّل الأرضيات الفسيفسائية مشاهد من الحياة اليومية في ضيعة رومانية والصيد بالمطاردة وعملية قطاف العنب.

منزل أندستريوس : نسبة لمالكه يضمّ لوحة فسيفسائية تمثل مشهدا بحريّا تتوسطه الآلهة فينوس تحيط بها حوريتان وهي محفوظة بالمتحف الوطني بباردو.
حنايا أوذنة : وقع إنشاؤها خلال القرن الثاني بعد الميلاد لتزويد المدينة بالماء الصالح للشراب والمياه اللازمة للحمامات العمومية الكبرى. تتكوّن الحنايا من ثلاث فروع يقع تجميعها في ساقية رئيسية تزود خزانات الماء العمومية.

الخزّانات العمومية الكبرى : تتكوّن من ثماني خزانات سبعة متوازية وخزّان ثامن متعامد معها مكوّنة بذلك خزّانا مربّع الشكل يبلغ طوله حوالي 55 م ويقع تزوديها بالمياه عن طريق الحنايا.
خزّان الحنايا : يقع الخزان جنوب ساحة الفوروم مستطيل الشكل يبلغ طوله 27م وعرضه 15.5م ويقع تزوديه بالمياه عن طريق الحنايا ويوجد بقربه خزان دائري الشكل دوره توزيع المياه على مختلف أنحاء المدينة.
خزان الفوروم : يقع من الناحية الشرقية للفوروم مستطيل الشكل طوله 36 م وعرضه 23 م كان مقسما الى ثلاثة أروقة محمولة على عمادات مربعة الشكل. يزود بالمياه عن طريق قناة تربطه بخزان الحنايا وظيفته بالأساس تزويد الحمامات العمومية الكبرى بالمياه.

حمامات لابيري : ويطلق على الحمامات اسم العائلة التي تولت إنشاءها وكان اسمها على نقيشة في الأرضية الفسيفسائية التي تزين القاعة الباردة من الحمام وتوجد في المتحف الوطني بباردو.
حمامات الملائكة الصيادين : وهي حمامات خاصة توجد بالقرب من منزل إيكاريوس وتحمل اسم الفسيفساء التي اكتشفت على جدار حوض مائي بالقاعة الباردة تمثل مشهدا به عدة أطفال مجنحين يركبون قاربا ودلافين وهي بصدد صيد الأسماك.
وقد تمّ رفع العشرات من اللوحات فسيفسائية منها ما هو معروض بالمتحف الوطني ببارود إلى جانب بعض التماثيل في قاعة تحمل اسم أوذنة ومنها ما يوجد في المخازن.

تبقى أوذنة منارة للتراث لا تشبه إلاّ نفسها ولم تبح بعد بكل خفاياها وكنوزها. وهي ليست حكاية مدينة تعاقبت عليها الحضارات فحسب أو حكاية مهرجان لا يتعدى مجرد حدث فني وثقافي، بل رسالة ثقافية لتقديم رؤية متكاملة حتى يؤدي الموقع الدور الذي يستحق ضمن خارطة المواقع الأثرية واستراتيجية السياحة الثقافية والسياحة البيئية ويحظى المهرجان أيضا بالمكانة والإمكانيات التي يستحق ليضاهي أكبر المهرجانات الدولية التونسية ولما لا العربية والعالمية.





















Magnifique article, il contient une volonté de valorisation de ce site proche de la capitale et qui peut servir et abriter, notamment des spectacles du 4e art.
Un excellent article. Je pense qu'il faudrait un plan de médiatisation pour promouvoir ce site et le mettre au devant de la scène.