شيء خطير جدا سيحدث في هذه القرية لغابرييل غارسيا ماركيز بالمعهد العالي للفن المسرحي : عندما يصبح الخوف من المستقبل هو الحقيقة المطلقة
- علي لقصيبي
- 18 juil.
- 2 min de lecture
Dernière mise à jour : 13 oct.
"شيء خطير جدا سيحدث في هذه القرية" عملٌ مسرحي أنجزه كل من علي القصيبي ورحاب بن مبارك وسليم طلحة. هو عمل وقع الغوص فيه بداية من قصة قصيرة كتبها غابرييل غارسيا ماركيز وصدرت ترجمتها باللغة العربية في غرة أفريل 2012. اختاراها الممثلون ليطلقوا العَنان لحرية أقوالهم وتحركاتهم على الركح بإتقان ودون إسفاف. دام العرض 45 دقيقة ولم يشعر الحضور حقيقة بمرور الوقت.
تم عرض هذا العمل يوم 28 جويلية 2025 بقاعة عبد العزيز العقربي في المعهد العالي للفن المسرحي بالعمران في تونس العاصمة على الساعة السابعة والنصف مساءا. يحاكي هذا العمل قصة مدينة يغيب عنها الحسّ النقدي والوعي أن كل فرد قادر على تغيير مصيره. هو قصة مدينة تنهار بفعل إشاعة تسربت كالنار في الهشيم وزادت من وطأة الخوف المكبل لنفوس متساكنيها. تتساؤل المسرحية على ثقافة الوهن والإستسلام التي أضحت طاغية على أفق ومخيال الشعوب من جراء تخيلات وخوف لا محل لهم.

في صباحٍ عادي، تستفيق عجوز مسنّة وتخبر أبناءها أن مزاجها متعكّر وأن شعورًا غامضًا يساورها بأنّ شيئًا خطيرًا سيحدث لها ولعائلتها ولكل القرية.
تنتقل الإشاعة تدريجيًا بين سكان المدينة، حتى تتحوّل إلى حديث الساعة. يتسارع الناس إلى شراء المواد الغذائية، تحسّبًا لأي حجرٍ محتمل قد يُجبرهم على البقاء في بيوتهم.
يطرح العمل عامة قضايا اجتماعية كونية، تتعلّق بالوعي الزائف الذي يهيمن على شعوب العالم، وبالتأثير المُدمّر للإشاعة التي قد تقلب واقعًا عاديًا إلى حالة من الفوضى والذعر الجماعي.
سعى الممثلون إلى التركيز على أداء الممثل كمنطلق أساسي للمحاكاة، من خلال الاشتغال على عوالم الواقعية السحرية. ما يحسب للمؤدين هو أنهم استطاعوا إعادة تشكيل محيط القرية بأنواره الهادئة ودفئه الاجتماعي القائم على التآزر والتواصل. عرض فيه كذلك الهزل ولوحات راقصة و حركية جميلة على الخشبة.
سينوغرافيا، تم توظيف العَتَمَة، لتغييب ملامح الشخصيات، وذلك لغايات درامية، فملامح الشخصيات أو ماضيهم لا يهم بقدر ما يبرز في المسرحية دورهم في نشر الإشاعة، هم باختلافاتهم الطبقية والايديولوجية والعمرية والجنسية يتعايشون مع واقع لم يعودوا قادرين على السيطرة عليه فيخترعون أوهام لكي يحسوا وينتجوا العيش المشترك.
في ظل ضعف وبؤس يتفاقمان، أصبح يجمع بينهم جهلٌ مرضي يأتي من وجود مجهول و حياة يكتسيها الغموض والعزلة ومضيعة الوقت. كل هذه العناصر قدمت بطريقة ذكية وخفيفة على المتلقي لكي يسن له التماهي مع الخوف والتوقعات المتخيلة التي باتت الخبز اليومي لكثير من شعوب العالم الثالث الذين هم منساقون وراء تحولات تفرضها العولمة لكن يجهلون أغوارها ونتائجها المستقبلية.
هي مسرحية تتحدث إذن عن الفراغ الوجودي وما ينتجه من سلوك العزلة والخوف والإنقسام رغم العيش في مجموعة بشرية. مسرحية يمكن أن يكتب لها الاستمرار لكونها تطرح في الفضاء العام مواضيع حارقة بخصوص مجتمع اليوم.





















Commentaires