الشيخ العفريت: مرجع لفهم روح الأغنية التونسية

الشيخ العفريت فنان تونسي من أصل يهودي اسمه الحقيقي "ايسران روزيو" ولد بمدينة أريانة عام 1896 و توفي عام 1939. والده "سلام روزيو" أصيل المغرب الأقصى أما أمه فهي ليبية النشأة و تدعى"ستوري خلفون" و قد اشتغلت هي أيضا في ميدان الطرب و الغناء.

عاش الطفل "ايسران" مع والدته بعد أن تخلى عنهم والده وهو في عمر الزهور مما اضطر أمه لتنفق عليه وعلى أختية. و قد كانت والدته ماهرة في صنع الحلويات و كانت أيضا معروفة بعذوبة صوتها و بغنائها في بعض المناسبات و الحفلات الخاصة. اشتغل العفريت في شبابه في مطاحن القهوة ثم شيئا فشيئا اكتشفت موهبته و توجه نحو المصدح والغناء.

صوت ثعباني

طريقة غناءه هي بطيئة وملتوية كأنها تحيل إلى حركات الثعبان أو أكثر من ذلك أي العفريت. يحيل أيضا هذا اللقب إلى مهارة وقدرة فائقتين لهذا المبدع الذي غير بخاناته الشجية وصوته القوي والحاد وقدرته على الارتجال في الطبوع التونسية. في العشرين من عمره لقب إذن الشاب "ايسران" بالشيخ العفريت و ذاع صيته و اشتهر بجرأة كلمات أغانية التي لم تمنعه من أن يكون مقبولًا اجتماعيًا في عالم إسلامي منفتح و صاحب حفلات ناجحة ذات إقبال شديد. أصبح للشيخ العفريت موعد قار يغني فيه في بلاط أحمد باي الثاني الذي أغرم بصوته وقلده وسام الافتخار في سنوات الثلاثين من القرن العشرين.

ورغم قصر عمره الفني، حوالي العقدين، ترك الشيخ العفريت ما يقارب ال 500 أغنية في رصيد الأغنية التونسية. و من اشهر أغانيه " يا لي راجلها مغيار" و " الأيام كيف الريح " و" أنا ما ذبيا " و" كيف كنت صغير" و" قد ما عملت معاك راح خسارة " و غيرها من الأغاني التي يرددها الناس و يطربون على أنغامها إلى اليوم. فضلا عن " تعليلة العروسة وتعليلة المطهر" التي لا يكاد تخلو منها مناسبة تونسية من الشمال إلى الجنوب.

أصيب العفريت بمرض السل الذي ألزمه الفراش إلى أن توفي يوم 26 جويلية 1939 موصيًا بان يكتب فوق قبره أغنية " الأيام كيف الريح في البريمة " التي اعتبرها أغنية حاملة لعبر جمة وملخصة لمسار حياته و لتخلي الجميع عنه بعد مرضه. غادر العفريت الساحة الفنية تاركًا بصمة واضحة المعالم خاصة بواسطة إحياء الكلمة التونسية عبر جودة الكلمات وعمق الإحساس و حنكة الأداء.

حذامي لعبيدي