top of page
رحمة سياري

الفنانة الراحلة ذكرى محمد: إرث غنائي على الدوام

اكتب إلى التي هزت كياني في يوم ما، إلى التي أحدثت في نفسي زوبعة عارمة تجتاحني حتى الآن، إلى التي اتخذت الإبداع سلاحا لتُعنِّف به الفن فترديه قتيلا عاشقا ولهانا.. والى التي عُنّفت وتركت في المقابل إرثا موسيقيا نزل على صدور الجماهير بردا وسلاما...

إليها دون سواها

إلى ذكرى أكتب وأدندن: "وحياتي عندك لو كان ليا عندك خاطر" في ذكرى وفاتها الرابعة عشرة. لعلني هذه المرة أخطّ على الورقة بحبر متيّم، أتجرّد من أسس المقال وتقنيات الكتابة، أضعها نصب عيناي وأستحضر تلك الشحنة الأولى التي مدتني به أغنيتها "يوم ليك ويوم عليك" في يوم ما. ذكرى محمد من بين عدد ضئيل من الفنانات اللائي تمرّدت بداياتهن على نهاياتهن. مازلت أرى الجبروت بين ثناياها، أرى الحلم والأمل والحياة قابعين في أغانيها وألحانها، أرصد شجنها المخفي وراء النوتة والكلمات. وكم تتقن إخفاء حزنها! بصوتها العذب وبحسن اختيارها للكلمات وانسجام الكلام بالألحان تطل ذكرى جميلة، حالمة، منتصرة. انتصرت على كل ما أحبط عزيمتها، تمردت على أشباه الفنانين وثارت على ذائقة فنية رديئة.


مسيرة فنية حافلة


غادرت المرحومة تونس سنة 1990 بعد عشرة أعوام من العطاء الفني. صدرت لها ثلاثين أغنية أغلبها من تلحين عبد الرحمن العيادي، على غرار، "لمن يا هوى ستكون حياتي وكيف سأعرف ما هو آتي؟" "حبيبي طمن فؤادي"، "ودعت روحي معاه من يوم ما ودعني"، "إلى حضن أمي يحن فؤادي"...


ذكرى محمد في لقاء نادر مع نجيب الخطاب في برنامج لو سمحتم 1992


تنقلت ذكرى بين المغرب وليبيا إذ أتقنت أداء الأغاني التراثية وتعاملت مع عمالقة الفن الليبي وحصلت على قاعدة جماهيرية شاسعة. عادت في ما بعد المبدعة إلى بلدها تاركة بصمة ومشوارا غنائيا متميزين في ليبيا. لم تستقر طويلا في بلدها. هاجرت إلى مصر لتبدأ منها شهرتها التي امتدت على أرجاء الوطن العربي.


سنة 1995 التقت هناك الموسيقار هاني مهنا الذي انتج لها ألبومي "وحياتي عندك" في نفس العام ثم ألبوم "أسهر مع سيرتك" سنة 1996. وبعد أن سطع نجمها في القاهرة، تضاعف طموح فقيدة الساحة الفنية ذكرى فتوجهت إلى عدة دول خليجية صقلت قدراتها الفنية أكثر فأكثر لتلقب مرات عديدة بأفضل مطربة خليجية.


برز هذا النجاح في تقديم ديو"الحلم الوردي" مع الفنان محمد عبده الذي رجحها عن المطربة نوال الكويتية. تكرس كذلك عبر العديد من الالبومات الخليجية أبرزها " التلاقي" تلاه ديو "يامشعل التفكير" مع الفنان أبو بكر سالم و أغنية "ابتعد عني" رفقة الفنان طلال مداح، وألبوم "يوم ليك" المصري الذي صدر قبل وفاتها بثلاثة أيام وديو مع الفنان عبد الله الرويشد في أغنية "مافقدتك" وقد صدر اثر وفاتها سنة 2003.


رحيل يشوبه الغموض


"ومن الحب ما قتل" جملة رددها الكثيرون تعليقا على النهاية المأساوية لذكرى محمد.حيث شهد شارع حسن مظهر في حي الزمالك بالقاهرة -أين كانت تقطن ذكرى- ليلة 28 نوفمبر 2003 مجزرة مريبة راحت ضحيتها الفنانة المتألقة مخلفة وراءها غموضا كبيرا يلقي اللوم من جهة على زوجها رجل الأعمال المصري "أيمن السويدان" -الذي قتلها ثم انتحر- وعلى المملكة السعودية - التي كانت على خلاف معها- من جهة أخرى. تختلف المقاربات والتأويلات وتظل ذكرى، إرث غنائي ثابت في قلوب محبيها.

رحمة سياري



 À l'affiche
Derniers articles