من الذاكرة الإيطالية للأغنية: حفلة التينور الثلاثي في روما بدايات التسعين
في سنة 1990 انطلقت سلسلة حفلات "The Three Tenors" في العاصمة الإيطالية روما و قد مثلت مرجعا لحفلات الموسيقى السمفونية التي تذهب إلى عامة الناس. فكرة هذه الحفلة اقترحها المنتج الايطالي ماريو درادي و ذلك لجمع التبرعات لمؤسسة كاريراس الخيرية و قد دارت فعالياتها في موقع أثري إيطالي له رمزية كبيرة و يذكر بالحضارة الرومانية العريقة و هو "Termas de Caracalla".
جمعت الحفلة ثلاثة من أساطير الأوبرا في العالم و هو الإسباني بلاسيدو دومينغو، مواطنه جوزي كاريراس والإيطالي لوشيانو بافاروتي. وقد نظمت الحفلة في روما قبل يوم من نهائي كأس العالم 1990 الذي كان آن ذاك بين الأرجنتين وألمانيا. كلمة "Tenors" تعني الأصوات الذكرية التي تتميز بالحدة. استعملت هذه العبارة في القرن التاسع عشر حيث تعني الرجل الموهوب. كانت عنوان لهذه الحفلات نظرا للموهبة الكبيرة التي يمتلكها الثلاثي المذكور إضافة لأصواتهم القوية و الحادة.
المسرحة و الأوركيستار
تم وضع المسرح بين الأثآر الرومانية لإعطاء حدة أكثر و صدى لأصوات العازفين و الآلات الموسيقية. الإضاءة كانت خافتة نوعا ما من أجل عدم التأثير على المتابعين و العازفين اللذين بلغ عددهم حوالي 109 و قائد الجوقة كان الهندي زوبين ميهتا. على يسار قائد الجوقة نجد آلات الكمنجة 1 و 2 و بلغ عددهم حوالي 30 و بجوارهم الألتو و عددهم 12 تقريبا فالفيولنسال 8 و الكونترباس. في أقصى اليسار و خلف آلات الكمنجة نجد قيثارتين "harpes" و لهما دور كبير في إعطاء نسق موسيقي. أما في منتصف الركح تقريبا نجد الآلات النفخية الخشبية بمختلف أصنافها: المزمار الصغير و الناي الخشبي و كلارينات و لها عدة أصناف و كونترباسون.
خلفها مباشرة نجد الآلات النفخية النحاسية و هي البوق "trompette" ، "trombone" بنوعيه بالإضافة إلى التوبا "tuba" .
في آخر الركح نجد بعضا من الآلات الإيقاعية والتي لم تستعمل كثيرا على غرار الطبل الصنج "cymbales" و الجرس الأنبوبي "cloche tubulaire" و المثلث.
إجمالا فان الركح يشهد تنظيم 3 عائلات موسيقية بشكل متجانس وعلمي و ذلك لإعطاء رونق و تناسق من حيث المظهر و انسجام خروج الموسيقى والصوت.
الحفل
انطلق العرض وسط أجواء رائعة و حضور جماهيري كبير و قام كل مغني أوبيرا من بين الثلاثي بإلقاء أهم المقطوعات على غرار "صور من الجنة"، "كارمين"، "الباتشيكو"، "الجزيرة المسحورة" و غيرها.
من الأمور التي افتقدها العرض هو عدم حضور الجنس اللطيف رغم تواجد عدة أسماء رنانة على ساحة الأوبرا في تلك الفترة على غرار ايزابيل كونيل، ريجين كريسبين، ليليان بيرتون وغيرهن. كما افتقر العرض كذلك للمشاهد المسرحية و الفنية و التي كانت في أغلب الأوقات مرافقة للأوركيسترا. رغم هذه النقائص يبقى عرض "The Three Tenors" من بين المراجع في الأوركيستر سانفوني و قد شهد تطورات كبيرة على مدار نصف عقد من الزمن و توج منذ ذلك الوقت ب 30 حفلة ناجحة في عديد البلدان. مع الإشارة أنه تم تنظيم العديد من الحفلات تزامنا مع المونديال في سنة 1994 في الولايات المتحدة الأمريكية (ملعب لوس أنجيلوس) و هي الحفلة الأشهر حيث تابعها أكثر من 150 ألف متفرج، فرنسا 1998 (ساحة مارس) و اليابان 2002 (ملعب يوكوهاما).
إيهاب الشايبي