top of page
أميمة بن خلف

آلة المزود... روح الأفراح الشعبية

إن المنهج العلمي والفني المعاصر الذي تغذيه التوجهات العالمية الحديثة في مجال البحوث الثقافية شجع العديد من الموسيقيين والمثقفين وعلماء الأنثروبولوجيا إلى تكثيف دراستهم وأعمالهم البحثية في مجال الفن الشعبي وذلك لإعادة اعتبار هذا الفن الغير معترف به (إلى حد بعيد) و الذي يقتصر على الذخيرة الشفوية. فمنذ بداية الخمسينيات وصولا إلى يومنا هذا، شكل فن المزود التاريخ الاجتماعي والموسيقي لتونس و يعدّ عنصرًا أساسيًا من هويتها الثقافية.


المزود" آلة البدو"


تتشابه الآلات الموسيقية التي استغلت الخامات المحليّة والبدائيّة لصنع نغمات تطرب الشعوب. في تونس انتبه البدو والرعاة إلى جلود الأغنام من أجل ابتكار آلة يتمكَّن الراعي من العزف عليها دون تعب أو خوف من انقطاع نفسه في وَسَط اللحن. إنها آلة "المزود" التي تمثل النسخة العربية القريبة من الإسكتلندية.


ويقال إن المزود ذات أصل فارسي. وبالرغم من أن المزود معروف في المغرب العربي على غرار الجزائر وليبيَا وبعض مناطق البدو في مصر والأردن؛ فإنه لم يكتب له الانتشار، لدرجة أن كثيرًا من العرب لا يعرفونه، إذ أنّ التراث الموسيقي العربي البدوي القديم، غالبًا ما تم إهماله.


مكونات آلة المزود


المزود هو جزء من الثقافة التونسية، تصنع آلة "المزود" من جلد الماعز بعد نزع الشعر عنه ويدعك بالملح، تتألف من القربة "الشكوة" ما يشبه الكيس المصنوع من الجلد وهي آلة هوائية ينفخ فيها العازف بواسطة مزمار والعادة أن تحتوي القربة على مزامير أُخرى تأخذ الهواء لإخراج صوت بعد الضغط على القربة وهي تستعمل كثيرًا في الفلكلور والأفراح والأعياد.


تتألف هذه الآلة الشعبية من أنبوبين من القصب مقرونين يشكلان الجزء النغمي، من سبابتين تخترقهما خمسة أو ست ثقوب يعلوها قرن ثور ويحلق أسفلهما بقرب أي خزان من جلد الماعز ممدود. ينفخ فيها العازف عن طريق أنبوب ضيق فيمتلئ بالهواء و نجد على كل جهة من الأنبوب قرن غزال مثبت على الجلد عِوَض قائمي الحيوان. يمسك الموسيقي المزود تحت إبطه ويضغط على الجوانب بذراعه، فينشأ عن هذه دفعة هواء تثير اهتزاز الألسنة المصنوعة من قصب والمنحوتة على شكل صفارة، وبأصابعه يسد أو يكشف الثقوب.

وبذلك ينبعث النغم. للمزود تواجد دائم في المناسبات. ومن يحضر الأعراس و المناسبات الاحتفالية التونسية أو إحدى سهرات المهرجانات (ركح مهرجان قرطاج الدولي سنة 1991 "النوبة" عرض فني التقت فيه الأصوات الغنائية الشعبية لتقديم روائع من الإنتاج التونسي الأصيل: الملك الهادي حبوبة، صالح الفرزيط، منيرة الضاوي، إسماعيل حطاب، ليليا الدهماني، صلاح مصباح، لطفي بوشناق، فاطمة بوساحة) يستمتع بمتابعة الفرق الفنية لمشاهدة وسماع العازف الذي ترتفع نسبة حماسته ويشتد صفيره في قلب المزود مع تصفيق الحضور وتشجيعهم له وطربهم لمعزوفته وطلبهم المزيد، حيث يقوم بعض المدعوين بحركات راقصة (على غرار رقصة البطايحي ورقصة الزوفري) انسجامًا مع الأصوات اللحنية التي تصدر عن المزود على الرغم من أنه يتسم في تركيبته الأصلية بالحزن والشجن شأنه في ذلك شأن الناي والآلات النفخية.


عرض النوبة على ركح قرطاج سنة 1991


أميمة بن خلف


 À l'affiche
Derniers articles
Archives
  • Facebook Basic Square
  • Twitter Basic Square
  • Google+ Basic Square
bottom of page